عدّاء إيطالي ينجو من الموت في صحراء المغرب بتحدٍّ يفوق الخيال عدّاء إيطالي ينجو من المو...
عدّاء إيطالي ينجو من الموت في صحراء المغرب بتحدٍّ يفوق الخيال
عام 1994، قرر الشرطي الإيطالي ماورو بروسبيري المشاركة في تحدٍ غير عادي: ماراثون الرمال في جنوب المغرب، والذي يمتد لمسافة 250 كيلومترًا عبر الصحارى الحارقة خلال ستة أيام. بالنسبة لرجل شجاع يملك خبرة رياضية واسعة، بدا الأمر وكأنه فرصة لاختبار قدرته على التحمل، لكن لم يكن يعلم أن هذا السباق سيأخذه في رحلة نحو المجهول.
في البداية، سار كل شيء كما هو مخطط له. خلال الأيام الأولى، كان المشاركون ينتقلون بين نقاط التوقف، حيث يتزودون بالماء ويأخذون قسطًا من الراحة قبل أن يستأنفوا الركض. لكن يوم 14 أبريل تغيّر كل شيء عندما هبّت عاصفة رملية شرسة غيّرت معالم الصحراء بالكامل.
ماورو، المصمم على إنهاء السباق دون خسارة مركزه، قرر الاستمرار في الركض رغم تحذيرات المنظمين بضرورة التوقف خلال العواصف. لكن الرياح العاتية أجبرته على الاحتماء خلف شجيرة صغيرة، حيث واجه الرمال التي كانت كالإبر تنغرس في جلده.
ضياع في بحر الرمال
مع شروق الشمس، استيقظ ماورو ليجد نفسه وحيدًا في قلب الصحراء. لم تكن هناك أي علامات تدله على الطريق، ولم يتبقَ لديه سوى بضع قطرات من الماء. انتظر أملًا في المساعدة، لكن حتى الطائرة التي مرت من فوقه لم تلاحظه، مما زاد من شعوره باليأس. في لحظة بائسة، لجأ لنصيحة قديمة من جده الذي عاش ظروفًا صعبة خلال الحرب، فبدأ بشرب بوله للحفاظ على رطوبة جسمه.
بحث عن البقاء وسط ظروف قاسية
في الأيام التالية، واصل بروسبيري السير بلا هدف، محاولًا إيجاد أي وسيلة للبقاء على قيد الحياة. عثر على ضريح قديم حيث وجد القليل من الظل وبيض الطيور. ورغم نفاد طاقته، أكل البيض وواجه خوفه عندما قرر اصطياد الخفافيش الموجودة في الضريح، فكان يمتص دماءها لتعويض نقص السوائل في جسمه.
أمل جديد وسط يأس الصحراء
بعد مرور ثمانية أيام على ضياعه، وجد واحة صغيرة بها بئر ماء. كانت فرحته لا توصف، لكنه لم يستطع شرب الماء بكميات كبيرة، إذ كان جسده قد اعتاد على الجفاف. بخطوات بطيئة ومضنية، استمر في السير حتى رأى آثارًا تركتها حيوانات الماعز، والتي قادته إلى فتاة صغيرة من الطوارق. رغم فزعها منه، تمكنت من استدعاء عائلتها التي قدمت له المساعدة.
خاتمة درامية لرحلة النجاة
عندما وصلت الشرطة، ظنوا في البداية أنه جاسوس بسبب مظهره المثير للشبهة، لكن سرعان ما أدركوا أنه العدّاء الإيطالي المفقود. الغريب في الأمر أن ماورو كان قد قطع مسافة تزيد على 290 كيلومترًا، من المغرب إلى الجزائر، دون أن يدرك ذلك.
بعد أن فقد 16 كيلوغرامًا من وزنه وتعرضت كليتاه وكبده لأضرار جسيمة، قضى ماورو أسبوعًا في مستشفى جزائري قبل أن يعود إلى روما. هذه التجربة تركت بصمة كبيرة في حياته، حيث أصبح حديث الصحافة الإيطالية وملهمًا للكثيرين.
قصة ماورو بروسبيري ليست مجرد مغامرة، بل هي شهادة على قدرة الإنسان على الصمود والبقاء حتى في أصعب الظروف. الإرادة القوية، المعرفة بالبيئة، والقدرة على التكيف كانت أسباب نجاته من الموت في ظروف بدت مستحيلة.