أحمد زويل: رائد علم الكيمياء الفيمتو ثانية - سيرة حياة مفصلة

وُلد أحمد حسن زويل في 26 فبراير 1946 في مدينة دمنهور بمحافظة البحيرة في مصر. نشأ في أسرة متوسطة الحال، وكان والده يعمل ميكانيكيًا، بينما كانت والدته ربة منزل. أظهر أحمد منذ صغره نبوغًا واهتمامًا كبيرًا بالعلوم، وكان دائمًا متفوقًا في دراسته.

بدأ أحمد زويل تعليمه في مدارس دمنهور، حيث أظهر تفوقًا ملحوظًا في المواد العلمية. بعد إتمام المرحلة الابتدائية، انتقلت الأسرة إلى مدينة دسوق بمحافظة كفر الشيخ، حيث واصل تعليمه الثانوي. في هذه الفترة، بدأ زويل يبرز كطالب متميز في الفيزياء والكيمياء، وكان دائمًا ما يحصل على أعلى الدرجات في المدرسة.

التحق أحمد زويل بجامعة الإسكندرية، حيث درس الكيمياء وحصل على درجة البكالوريوس بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف في عام 1967. بعد تخرجه، عمل معيدًا في الجامعة نفسها، حيث بدأ يظهر اهتمامًا كبيرًا بالبحث العلمي. حصل على درجة الماجستير في الكيمياء من جامعة الإسكندرية، وقرر بعد ذلك مواصلة دراسته في الخارج لتحقيق طموحاته العلمية.

في عام 1969، سافر أحمد زويل إلى الولايات المتحدة لمتابعة دراسته العليا في جامعة بنسلفانيا. حصل على درجة الدكتوراه في الكيمياء الفيزيائية من الجامعة في عام 1974. كانت أبحاثه في هذه الفترة تركز على تفاعلات الجزيئات والطرق الحديثة لتحليلها.

بعد حصوله على الدكتوراه، انتقل أحمد زويل للعمل كباحث في جامعة كاليفورنيا، بيركلي. في عام 1976، انضم إلى هيئة التدريس في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا (كالتيك)، حيث بدأ أبحاثه الرائدة في مجال كيمياء الفيمتو ثانية. خلال فترة قصيرة، أصبح زويل واحدًا من أبرز العلماء في مجاله، وحصل على العديد من الجوائز والتكريمات لأبحاثه المبتكرة.

الفيمتو ثانية والاكتشافات الرائدة

في أواخر الثمانينيات، حقق أحمد زويل اكتشافًا ثوريًا في مجال الكيمياء باستخدام تقنية الفيمتو ثانية (femtosecond spectroscopy)، وهي وحدة زمنية تعادل 10^-15 من الثانية. استطاع زويل من خلال هذه التقنية مشاهدة التفاعلات الكيميائية على مستوى الذرات والجزيئات لأول مرة في التاريخ. كان لهذا الاكتشاف تأثير كبير على فهم العلماء لكيفية حدوث التفاعلات الكيميائية، وفتح آفاقًا جديدة في الأبحاث العلمية.

جائزة نوبل

في عام 1999، مُنح أحمد زويل جائزة نوبل في الكيمياء تقديرًا لأبحاثه الرائدة في مجال الفيمتو ثانية. كان هذا التكريم بمثابة تتويج لجهوده العلمية وإسهاماته الكبيرة في تطوير علم الكيمياء. أصبح زويل أول مصري وعربي يحصل على جائزة نوبل في العلوم، مما جعل اسمه يُخلد في التاريخ كواحد من أعظم العلماء.

الأوسمة والتكريمات

حصل أحمد زويل على العديد من الأوسمة والتكريمات الدولية خلال مسيرته العلمية، من بينها:

وسام الاستحقاق من الدرجة الأولى من الرئيس المصري.

وسام الحرية الرئاسي من الرئيس الأمريكي باراك أوباما.

عضوية الأكاديمية الوطنية للعلوم في الولايات المتحدة.

عضوية الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم.

العمل الأكاديمي والمؤسسات العلمية

إلى جانب أبحاثه، كان أحمد زويل ملتزمًا بتطوير التعليم العلمي في مصر والعالم العربي. أسس مدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا في مصر، وهي مشروع يهدف إلى دعم البحث العلمي وتطوير التعليم العالي في المنطقة. كان زويل يؤمن بأن تطوير التعليم والبحث العلمي هو السبيل الأمثل لتحقيق التقدم والنهضة في العالم العربي.

الحياة الشخصية

تزوج أحمد زويل من ديما زويل، وهي طبيبة، ولهما أربعة أبناء. كان زويل يحظى بحياة أسرية مستقرة، وكان دائمًا يحرص على قضاء الوقت مع عائلته رغم انشغالاته العلمية.

الوفاة والإرث

توفي أحمد زويل في 2 أغسطس 2016 في كاليفورنيا عن عمر يناهز 70 عامًا بعد صراع مع المرض. كانت وفاته خسارة كبيرة للعالم العلمي وللأمة العربية. ترك زويل وراءه إرثًا علميًا كبيرًا وإسهامات لا تُنسى في مجال الكيمياء والبحث العلمي.

إن حياة أحمد زويل تعتبر نموذجًا رائعًا للإصرار على تحقيق الطموحات العلمية رغم التحديات. بفضل موهبته وجهوده الشخصية، استطاع أن يصل إلى قمة الشهرة والاعتراف العالمي. ستظل أبحاثه واكتشافاته خالدة في ذاكرة العلماء، وسيبقى اسمه لامعًا كواحد من أعظم العلماء في تاريخ البشرية.